للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أبو محمد على بن حزم الظاهرى المتوفى سنة ٤٥٦ رداً على الأشعرية في كتابه ((الملل والنحل)) ما نصه: وقالوا كلهم: إن شاء الله تعالى له إلا كلام واحد، وليس كلمات متكثرة. قال أبو محمد: وهذا كفر مجرد لتكذيبهم الله عز وجل في قوله: {قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفذ البحر قبل أن تنفذ كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدداً} [الكهف ١٠٩] وفي قوله تعالى: {ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعد سبعة أبحر ما نفذت كلمات الله} [لقمان ٢٧] ومع هذا، فقولهم: ليس لله عز وجل إلا كلام واحد أسخف قول سمع، لأنه لا يعقل، ولا يفهم، ولا جاء به نص ولا قام به دليل، ولا يتشكل في هاجس! وإنما هو هذيان محض.

ويقال لهم: لا يخلو القرآن عندكم من انه كلام الله عز وجل، أو ليس هو كلام الله تعالى؟ ! فإن قالوا: ليس هو كلام الله عز وجل كفروا من قرب، وكفوا الناس مئونتهم. وإن قالوا: بل هو كلام الله قلنا لهم: فالقرآن بلا شك مائة سورة وأربع عشرة سورة، فيها ستة آلاف آية ونيف، كل سورة منها اهل الإسلام غير الأخرى، وكل آية غير الأخرى، فكيف يقول هؤلاء النوكى: إنه ليس لله تعالى إلا كلام واحد؟ ما هذا إلا من الكفر البارد، والقحة السمجة. ونعوذ بالله تعالى من الضلال! وقالوا كلهم: إن القرآن لم ينزل به جبريل على قلب محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنما نزل بشئ آخر وهو العبارة عن القرآن، والقرآن ليس هو ألبته عندنا إلا على المجاز، وإن الذى نرى في المصاحف، ونسمع من القراء، ونقرأ في الصلاة، ويحفظ في الصدور ليس هو القرآن، ولا هو كلام الله عز وجل، بل هو شئ آخر، وإن كلام الله عز وجل لم يفارق ذات الله تعالى.

<<  <   >  >>