فاستغفر الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً} [النساء ٦] وإذ قد ثبت تعظيمه وإجلاله له ميتاً - صلى الله عليه وسلم - كما كان حياً، وثبت أنه حي في قبره فطلب الشفاعة منه دخول في توقيره - صلى الله عليه وسلم -، ويكون طالب الشفاعة كمن طلب شيئاً ممن له قدرة عليه، وهو عليه الصلاة والسلام قادر على ذلك بوجه التسيب في الدعاء كما كان حياً، وكما كان وسيلة في التبليغ. فهو - صلى الله عليه وسلم - الوسيلة في دعائه لأمته، ويكون طلب ذلك منه ادعى للإجابة. وفي الصحيح عن أنس - رضي الله عنه -: أن عمر ابن الخطاب - رضي الله عنه - كان إذا أقحطوا استسقى بالعباس فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا - صلى الله عليه وسلم - فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا - صلى الله عليه وسلم - فاسقنا. قال: فيسقون. وفي رواية: ونستشفع إليك بشيبته،)) في ذلك يقول عباس بن عتبه بن ابي لهب: بعمي سقى الله الحجاز وأهله عشية يستسقى بشيبته عمر
توه بالعباس في الحدب راغبا إليه فما إن زال حتى اتى المطر
ومنا رسول الله فينا تراثه فهل أحد هذى المفاخر مفتخر
وقال النووي وغيره: ثم يرجع الزائر إلى موقفه قبالة وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيتوسل به ويستشفع به إلى ربه. ومن احسن ما يقول ما حكاه اصحابنا عن العتبى مستحسن له قال: كنت جالساً عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاءه أعرابي فقال: السلام عليك يا رسول الله، سمعت الله تعالى يقول:{ولو أنهم ّذ ظلموا انفسهم جاءوك} الآية [النساء ٦٤] ، وقد جئتك مستغفراً من ذنبي، مستشفعاً بك إلى ربي. ثم أنشأ يقول:[بسيط]
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه فطاب من طيبهن القاع والأكم نفسى الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم