للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولايصح إرادة هذا المعنى إذا قلت: أستغثت بفلان، وتريد التوسل به، وسيما إذا كنت داعية وسائلة، بل قولك هذا نص على أن مدخول الباء مستغاث وليس بمستغاث به. والقرائن التى تكشفه من الدعاء له، وقصر الرجاء عليه شهود عدول، ولا محيد عما شهدت به ولا عدول. فهذه الاستغاثة، وتوجه القلب إلى المسئول بالسؤال والإبانة، محظور على المسلمين، لم يشرعها لأحد من أمته رسول رب العالمين.

قال الشيخ محمد الأمين السويدى الشافعي: ولا يجوز ذلك إلا من جهل آثار الرسالة، ولهذا عمت الاستغاثة بالأموات عند نزول الكربات، يسألونهم ويتضرعون إليهم، فكان ما يفعلونه معهم أعظم من عبادتهم واعتقادهم في رب السماوات. أهـ.

قال المانعون: وهل سمعتم ان أحداً في زمانه - صلى الله عليه وسلم - أو ممن بعده في القرون الثلاثة المشهود لأهلها بالنجاة والصدق، وهم أعلم منا بهذه المطالب، وأحرص على نيل مثل تيك الرغائب - استغاث بمن يزيل كربته التى لا يقدر على إزالتها إلا الله سبحانه، أم كانوا يقصرون الاستغاثة على مالك ولم يعبدوا إلا إياه.

ولقد جرت عليهم أمور مهمة وشدائد مدلهمة في حياته - صلى الله عليه وسلم - وبعد وفاته. فهل سمعت عن احد منهم انه استغاث بسيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم -! أو قالوا: إنا مستغيثون بك يا رسول الله! أم بلغت أنهم لاذوا بقبره الشريف، وهو سيد القبور، حين ضاقت منهم الصدور! كلا! لا يمكن لهم ذلك، وإن الذى كان بعكس ما هنالك فلقد أثنى الله تعالى عليهم ورضي عنهم فقال عز من قائل: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم} [الأنفال ٩] مبيناً لما سبحانه أن هذه الاستغاثة هي اخص الدعاء، وأجلى احوال الالتجاء.

<<  <   >  >>