ففي استغاثة المضطر بغيره تعالى عند كربته: تعطيل لتوحيد معاملته الخاصة به.
(فإن قلت) : إن اللمستغاث بهم قدرة كسبيه وتسببية فتنسب الإغاثة إليهم بهذا المعنى.
(قلنا له) : إن كلامنا فيمن يستغاث به عند المام ما لا يقدر عليه غلا الله تعالى، أو لسؤال ما لا يعطيه، ويمنعه إلا الله سبحانه، وأما فيما عدا ذلك مما يجرى فيه التعاون والتعاضد بين الناس، وإغاثة بعضهم ببعض فهذا شئ لا نقول به ولا ننكره؟ كما قال تعالى:{فاستغاثة الذى من شيعته على الذى من عدوه}[القصص ١٥] ، ونعد منعه جنوناً، كما نعد إباحة ما لا يقدر عليه إلا الله تعالى شركاً وضلالاً. وكون العبد له قدرة كسبية، لا يخرج بها عن مشيئة رب البرية، لا يستغاث به فيها لا يقدر عليه إلا الله، ولا يستعان به ولا يتوكل عليه، يلتجأ في ذلك. وأما مجئ جبريل عليه السلام لإبراهيم عليه الصلاة والسلام حين القى في النار، وقوله: هل لك من حاجة؟ فقال: إما إليك، فإن ذلك مما يقدر عليه جبريل بإذن اله تعالى، لأنه كما قال سبحانه فيه:{شديد القوى} فلو أذن تعالى له أن يأخذ نار إبراهيم وما حولها من الأرض، أو يرفع إبراهيم إلى السماء لفعل. فإذا علمت ذلك فلا يقال لحي او ميت قريب أو بعيد: أرزقنى، أو أمت فلاناً، أو أشف مريضى، إلى غير ذلك مما هو من الفعال الخاصة به عز وجل. وبالجملة، فالاستعاثة والاستعانة والاتوكل أغصان دوحة التوحيد، المطلوب من العبيد.
بقى ههنا بوردة المجيزون على هؤلاء المانعين، وهو أنه لا شك أن عن عبد غير الله تعالى مشرك، وأن الدعاء المختص بالله سبحانه عباده، بل هو مخ العبادة، كما ورد في الحديث. ولكن لا نسلم أن طلب الإغاثة لمن استغيث