للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بهم شرك مطلقاً، وإنما يكون شركاً لو كان المستغيث معتقداً أنهم هم الفاعلون لذلك خلقاً وإيجاداً، فحينئذ يكون من الشرك الاعتقادى قطعاً.

أما من اعتقدهم الفاعلين كسباً وتسيباً، وأن المؤثر الحقيقى هو الله تعالى، وإنما تسند هذه الأمور إليهم لكونها جرت على أيديهم فليس بمسلم. ولئن سلمنا فليس المقصود من طلب الإغاثة منهم وندائهم إلا التوسل بهم وبجاههم، وإن كان اللفظ يدل على الطلب منهم، لكن المقصود التشفيع والتوسل بهم إلى ربهم، وهو - صلى الله عليه وسلم - من اشرف الوسائل إليه سبحانه.

وقد أمرنا عز وجل بطلب ما يتوسل إليه بقوله تعالى: {وابتغوا إليه الوسيلة} فكيف تخطرونها شركاً مخرجاً من الملة، وليس في قلوب المسلمين إلا هذا المعنى، وأن في الذى ذكرتموه تكفير أكثر الناس. وكيف تحكمون على إناس قد ظهروا شعائر انثلام من اذان وصلاة وصوم وحج وزكاة، يأتون بكلمة التوحيد، ويحبون الله تعالى وسيد المرسلين. وغاية المر أنهم لرهبتهم من ربهم ومعرفتهم بعلو مرتبة نبينا - صلى الله عليه وسلم -، وما وعده الله سبحانه به من إرضائه، كما قال تعالى: {ولسوف يعطيك ربك فترضى} ولا يرضى عليه الصلاة والسلام إلا بأن يقف لأمته في مثل هذه التوسلات فينالوا الرغبات. وليس في اقوالكم هذه إلا تنقص بحق هذا النبي الأمين. الذى أوجب الله تعالى علينا حبه أكثر من محبتنا لأنفسنا والقربين، وفي مثل ذلك تدعونه بشاعة في القول، وشناعة بطريق الأولى.

فأجاب المانعون بقولهم: أما قولكم: أن ليس مقصودهم إلا التوسل والتشفيع، وإن تكلموا بما يفيد غيره،فإنه يدل على أن الشرك لا يكون إلا أعتقادياً، وأن اللفظ لا يكون كفراً إلا إذا طابق الاعتقاد.

<<  <   >  >>