للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طمرين مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره)) وفي حديث الربيع: ((عن من عباد الله تعالى من لو أقسم على الله لابره)) وهذا من باب الحلف بالله سبحانه ليفعلن هذا الآمر. فهذا إقسام عليه تعالى به ليس إقساماً عليه بمخلوق.

وقوله: إن الاستغاثة به بعد موته - صلى الله عليه وسلم - ثابتة ثبوتها في حياته، لأنه عند الله تعالى في مزيد دائم لا ينقص جاهه، وهذا لفظ صحيح لو كان معنى الإستغاثة الإقسام والتوسل بذاته، فإن ذاته المطهرة - صلى الله عليه وسلم - بعد الموت لم تنقص، بل هي في مزيد دائم - بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام - لكن هذه المقدمة غير صحيحة كما عرفت.

وأما إذا كان معنى الاستغاثة هو الطلب منه، فما الدليل على أن الطلب منه ميتاً كالطلب منه حياً، وعلو درجته عليه الصلاة والسلام بعد الموت لا تقتضى أن يسأل كما لا يقتضى أن يستفتى. ولا يمكن أحداً أن يذكر دليلاً شرعياً على أن سؤال الموتى من الأنبياء والصالحين مشروع، بل الأدلة الدالة على تحريم ذلك كثيرة. وهو قد أحتج بحديث الأعمى، وهو لاحجة فيه، لأن الحديث ليس فيه استغاثة بل قد توجه بدعائه وشفاعته. فإنه طلب من النبي - صلى الله عليه وسلم - الدعاء فتوسل بشفاعته لا بذاته، كما كان الصحابة رضي الله عنهم يتوسلون بدعائه عليه الصلاة والسلام في الاستسقاء، وكما توسلوا بدعاء العباس بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم -: وأما اشتكاء البعير إليه فهذا كاشتكاء الآدمى، وما زال الناس يستغيثون به في حياته عليه أفضل الصلاة وأكمل السلام، كما يستغيثون به يوم القيامة.

وقد قلنا إنه إذا طلب منه ما يليق بمنصبه فهذا لا نزاع فيه. والطلب منه في حياته والاستغاثة به في حياته فيما يقدر عليه لم ينازع فيها أحد، ولكن لا يمكن أحداً أن يقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - شرع لأمته أن

<<  <   >  >>