للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

له معنى صحيح هم به قائلون وله نفس الأمر معتقدون وفي كهفه قائلون أن ذلك المعنى صعب المنال لايرقى إليه بسلالم المقال وإنما يرحل إليه على رواحل الرياضات والسهر ويهتدي للوقوف عليه بمصابيح الأذكار والفكر وكثيراً ما يتوقف ذلك على السلوك على يد عارف خريت (١) يزيل بأنفاسه وأنوار نبراسه عن عين سختيت (٢) فالحزم الكف عن الوقيعة فيهم وشد الحزام للارتواء من وقيعة صافيهم نعم التكلم بمثل ذلك الكلام مما لا يخلوا عن كدر. نعم إلا أن تصح دعواهم: أن الانتفاع بذاك أكثر من الضرر وقد دل المعقول والمنقول على صحة ما قيل: لا ينبغي أن يترك الخير الكثير للشر القليل. لكن قيل: إن إثبات صحة تلك الدعوى أصعب عند كل أحد من رفع أحد ورضوى وسمعت من بعض من ينسب للعرفان: أن كلام القوم المشتمل على ذلك مثل بعض آى القرآن فهو وإن لم يحظ بجلالة قدره وصف الواصفين يضل الله به كثيراً وما يضل به إلا الفاسقين فقيل: ليس للقوم أن يضلوا أحداً فهم في ربقة التكليف لن يخرجوا منها أبداً. فقال: هم مظاهر لجميع الأسماء الإلهية فما عليهم أن ضل بكلامهم بعض البرية؟ فقيل له: هذا كعك من ذلك العجين ولا يكاد يلوكه ذو درد (٣) من ضعفاء المؤمنين وأبدى بعض غير ما ذكر لما أبدوه عذراً فقال: إنما قالوا ما قالوه سكراً؟ ولعمري: إنه أبرد من هواء المحراب في كانون، ولا يكاد بروج على إطلاقه إلا على صبي أو مجنون ويرده أنهم أملوا منه للطلاب وكم وكم ملأوا منه إهاب كتاب وأدهى من ذلك وأمر ما قيل في الاعتذار عن حضرة الشيخ الأكبر: إن نحو ما في ((الفصوص)) مما يخالف الظواهر


(١) الخريت - كسكيت -: الدليل الحاذق (م) .
(٢) السخيت: الغبار الشديد (م) .
(٣) الدرد - محركة - ذهاب الأسنان (م) .

<<  <   >  >>