ولا يحتاجون إلّا إلى تطبيق الشريعة الإسلامية ليجدوا أنفسهم في غاية السعادة وفي غاية التكافل الاجتماعي بمعناه الحقيقي, وفي أتمِّ ما يكون من الأحكام العادلة الرحيمة التي يطبقها المسلم على نفسه قبل أن يطالب بها غيره, ومن تصور هذا الفرق هان عليه معرفة الفرق بين الإسلام وبين الديمقراطية, كما أنَّ تعاليم الإسلام تجعل المرء يشعر ويحسّ بمسئوليته أمام الله تعالى, وتوجد في داخل نفسه المراقبة الذاتية لله تعالى, التي لا تصل إليها أيّ قوة غير قوة مراقبة الله تعالى, التي يتغير بموجبها سلوك الإنسان نحو معاملته لربه ومعاملته لإخوانه المسلمين, بل ومع غير المسلمين في تنظيمٍ بديع لن يصل إليه, بل ولن يقاربه أيّ تنظيم بشري هو عرضة للنقض والتغيير بين كل فترة وأخرى, وفرق بين سلوك ينتج عن مراقبة الله وخوفه, وسلوك ينتج عن غيره, فما مِنْ شخص يزعم أنَّ الديمقراطية هي التي تحقق السعادة للشعوب, أو أنها أرحم من التعاليم الربانية, ما من شخص يزعم ذلك إلّا وتجده إمَّا جاهلًا جهلًا مركبًا, وإمَّا ملحدًا لا يعرف عن حقيقة الإسلام شيئًا, أو مخدوعًا بشعارات الديمقراطية البرَّاقة, لم يتعظ بما يشاهده من حال بلدان دعاة الديمقراطية, كما نجد كذلك أن تعاليم الإسلام لا تجيز الفصل بين الدين والدولة, بل الدين الإسلامي هو الشامل والمهيمن على كل أمور الحياة, وما لم تصدر عنه فإنها تعتبر من الضلال, ومن اتخاذ البشر بعضهم بعضًا أربابًا من دون الله تعالى, بينما تعاليم الديمقراطية قائمة على الفصل بينهما, فرجال الدين مهمتهم تنحصر في أماكن العبادة والمواعظ الدينية ونحو ذلك, ورجال الدنيا لا حدَّ لمهمَّاتهم, فهم المشرِّعون والمنفِّذون, ومعنى هذا أن الإسلام والديمقراطية الغربية ضدان هنا, فإين التوافق الذي يدعيه المغالطون.