الفصل السابع: انتشار العلمانية في ديار المسلمين, وبيان أسباب ذلك
عرفت مما سبق أن المسلمين ليس بهم حاجة إلى العلمانية، ومع ذلك فقد انتشرت العلمانية في ديار المسملين انتشارًا قويًّا، وأوجد لها أعداء الإسلام عملاء من أهل كل بلد, ينوبون عنهم في نشرها بالحيل أحيانًا, وبالقوة أحيانًا أخرى، وكان هؤلاء النواب أشدّ من ملاحدة الغرب شراسة وإلحادًا، وأشد جرأة وتعسفًا لأبناء جنسهم في إرغامهم على قبول اللاديينة, وربُّوا عليها أجيالهم، وأصبحت في كثير من البلدان أمرًا مسلَّمًا به، وحلَّت محل الإسلام في كل ناحية, مع التظاهر عند البعض بالتزام الإسلام.
والأمثلة لا تخفى على القارئ، فقد أصبحت تركيا دولة علمانية لا دينية على يد المجرم "أتاتورك", الذي قطع كل صلة لتركيا بالإسلام والمسلمين, والذي كان علي يديه إسقاط آخر خليفة مسلم في الدولة العثمانية، وإسقاط الدستور الإسلامي, واستبداله بالقانون المدني السويسري، وقانون الجزاء الإيطالي، والقانون التجاري الألماني، وغيرها من القوانين الوضعية الجاهلية، وتعهَّد بإخماد كل حركة إسلامية، وربط تركيا مباشرة بالدول الغريبة، وكان من نتائج ذلك أن تمزَّق المسلمون ولم تعد لهم جامعة تجمعهم ولا رابطة تربطهم، وهو ما تحقَّق لأعداء المسلمين من المستعمرين، ولا يزال حكام تركيا يتزلفون إلى الغرب، ولم تكن تركيا وحدها هي الضحية، بل كانت كل الدول الإسلامية التي كانت خاضعة للاستعمار الإنجليزي أو