[الفصل الأول: منزلة الديمقراطية في الحضارة الغربية]
لقد علا نجم الدعوة إلى الديمقراطية في الغرب, وأصبحت هي كل الشغل الشاغل لهم؛ هي السياسة وهي الدين وهي النظام الاجتماعي بأكمله, هي التقدم بحذافيره, بل جعلوها هي الممثلة للحضارة الغربية وتقدمها الصناعي بكل ثقله, ولم يكتفوا بوقوعهم تحت تأثير هذا النظام الذي ألَّهُوه, بل إنهم يحاولون أن يعمِّموه على جميع سكان الأرض, على زعم أنه هو البديل عن الظلم وطغيان الطغاة, وأن الحياة السعيدة لا تَتِمُّ للشعوب إلا بتطبيقه كما تراه أمريكا وأوربا, بل وأقنعوا كثيرًا من الناس أنَّ من لم يحكم بالديمقراطية فهو ظالم مهما كان حكمه دون أي اعتبار آخر, وفي الجانب المقابل تجد كثيرًا ممن انتهزوا الفرص للاستيلاء على الحكم مِمَّن لم تكن لهم قدم رساخة في ذلك ولا خبرة كافية, تجدهم يصحيون ليلًا ونهارًا بأنَّ الديمقراطية هي شعارنا, وهي قدرنا، هي سبيلنا إلى الرقي ... إلخ، لكي يكسبوا عطف رعاة الديمقراطية من جاب, ومن جانب آخر يريدون التشدُّق أمام شعوبهم بترديدهم لهذا الاسم الذي لا يعرف ما وراءه إلّا القليل جدًّا منهم, بل إنَّ كثيرًا من طلاب العلم يجهلون حقيقة الديمقراطية, فما هو الحال بغيرهم من العوام؟ وقد اتضحت الحقيقة تمامًا أن الغرب -أمريكا- يريدون أن تحل الديمقراطية التي اخترعوها محلّ الإسلام في كل مجال, وهم لهذا يعملون بكل جَدٍّ ونشاط