لظهور الإلحاد أسباب كثيرة كغيره من الظواهر الأخرى, ولا شك أن أكبر الأسباب هو إغواء إبليس لمن اتبعه, فقد أقسم على أن يبعد الناس عن ربهم ويغويهم عن اتباع أمره وشرعه -عز وجل, ثم انضافت إلى ذلك أسباب أخرى هي من صنع الإنسان؛ كالرغبة الجامعة عند البعض في الانفلات التام عن الدين وأوامره ونواهيه؛ لتحقيق رغباته الشهوانية المختلفة, وبعض تلك الأسباب يعود إلى أمور سياسية كحبّ اليهود السيطرة على العالم, وبعضها يعود إلى طغيان الديانات المحرَّفة وعلى رأسها النصرانية التي هي صورة عن الوثنية؛ حيث جاءت بأفكار لا يقبلها عقل ولا يقرّها منطق, وفوق ذلك طغيان الرهبان والبابوات الذين وصلوا إلى حدٍّ لا يطاق من إذلال الناس واستعبادهم, مما جعلها أغلالًا يتمنَّى أصحابها الخروج عنها إلى أيّ وجهة تكون, فتلقَّفهم الملاحدة فأخرجوهم من الرمضاء إلى النار.
وبعض تلك الأسباب يعود إلى ظهور مذاهب فكرية كانت هي الأخرى كابوسًا ثقيلًا جعل الناس يلهثون إلى التشبث بأي حركة أو فكرة؛ كالرأسمالية التي أشعلت في النفوس حب الأنانية والجشع المادي والحقد والبغضاء, مما سهَّل الأمر على الملاحدة للوصول إلى قلوب الناس والتضليل عليهم بأن في النظام الإلحادي الجديد كل ما يتمنوه من السعادة والعيش الرغيد, وقد قيل:
يقضي على المراء في أيام محنته ... حتى يرى حسنًا ما ليس بالحسن