إن الوطنية من الشعارات الزائفة, وهي أقلّ وأذلّ من أن تؤلف بين القلوب حينما تبتعد عن هدي خالقها, وتعرض عن دينه القويم, وما يجري في البلاد الإسلامية وغيرها من بطش أصحاب الوطن الواحد بعضهم ببعض عند قيام الفتن لهو أقوى شاهد على فشل الالتفاف حول الوطنية, وأنها دعوى عنصرية لا تلين لها القلوب ولا تدمع لها العيون.
إن جمع الناس على الوطنية -بعيدًا عن الدين الإلهي- هو ضرب من الخيال الساذج والسراب الكاذب؛ لأن الله -عز وجل- لا يصلح عمل المفسدين, وقد أخبر سبحانه وتعالى أن الألفة بين القلوب أمر بعيد المنال إذا لم يوجد العامل الصحيح في إيجاد ذلك, وقد أمتنَّ الله -عز وجل- على عباده باجتماع كلمتهم على الدين, فقد قال تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} ١.
وقال تعالى ممتنًا على نبيه الكريم -صلى الله عليه وسلم- بما وصل إليه المؤمنون من تآلف قلوبهم: {إِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ، وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي