للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ١.

وأين هذا التآلف العجيب الذي كان أحدهم يؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة, والذي جعل الشخص المسلم يقدِّم نفسه دون أخيه في كل شيء, والذي جعلهم كالجسد الواحد, وكالبنيان المرصوص, أين هذا التآلف من دعوى التآلف على الوطنية القائمة على الجهل والغرور والكبرياء والبغي بغير الحق وتبادل المنافع؟ أليس فاقد الشيء لا يعطيه؟

إن الوطنية لم تقم على تقوى الله تعالى ولا على الخوف منه -عز وجل- أو الحب فيه, وإنما قامت على نزغات الشيطان, والشيطان يهدم ولا يصلح, ويفرق القلوب ولا يجمعها, فمن أين إذًا يأتي التآلف والمحبة بين أفرادها, إنك لا تجني من الشوك العنب.

وإذا كان ما قدمنا دراسته عن القومية يعطي صورة واضحة عن فشلها وبعدها عن أهداف الدين الحنيف الذي يقول للناس: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} ٢.

إذا كان ما قدمنا يدل على خيبة القومية وهي الأصل, فما هو الظن بالوطنية وهي المتفرعة عن القومية, لا ريب أنهما نبتتان خبيثتان لا تقدمان إلّا خبثًا {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ٢.


١ سورة الأنعام الآية: ٦٢-٦٣.
٢ سورة الأنبياء الآية: ٩٢.
٣ سورة يونس الآية: ٢٥.

<<  <   >  >>