وإذا كاالروحيون يؤمنون بالروح على الصفة المذكروة فقد قابلهم الملاحدة الماديون, فأنكروا أن يكون للروح حياة بعد الموت, أو حتى وجود مستقل, فضلًا عن الحياة بعد الموت, بل وجودها إنما هو تبع لوجود الجسم, وهو اعتقاد باطل كانوا فيه على طرفي نقيض مع الروحيين، الحق هو مع الذين هداهم الله من المؤمنين الذين يعتقدون أن هذه الحياة الدنيا إنما هي ممرٌّ إلى الحياة الآخرة بعد موت الإنسان وخروج روحه من جسده, وتوجد عشرات الأدلة النقليَّة والعقلية على هذا الاعتقاد, ولسنا بصدد بحث إثبات اليوم الآخر, ولكن المقصود إثبات أن للإنسان روحًا تحلّ في جسمه فيحيا, وتخرج فتنتهي الحياة منه, أي: إنها جسم خارج هذا الجسم المادي, وما يزعمه الماديون أن الروح ليست شيئًا خارجيًّا فهو كلام باطل يدل على قبح معتقداتهم, وما استدلوا به من أنه "كما يحدث تأثير معين من تركيب عدة عقاقير في دواء واحد، وكما تخرج موسيقى معينة بضرب الأوتار بترتيب معين، كذلك يوجد بتركيب العناصر على نمط معين مزاج خاص هو السبب في الإدراك والتخيل الفكري, وهو ما نسميه الروح"١ إن هو إلّا استدلال باطل.
وأول ما يدل على بطلانه أمر مسلَّم وهو أن الجسم تحصل عليه عدة تغييرات من الضعف والهزال والصحة والسمن وتغير اللون وغير ذلك