من التغييرات التي نشاهدها تجري على الأجسام, ولو كانت الروح هي نفس الجسم ممتزجة بعناصره التي تكوَّن بمجموعها جسم الإنسان؛ لسرت إلى الروح كل الآفات التي تسري على الجسم, وهذا ما لم يحدث, بل قد يقطع جزء من الشخص, ومع ذلك لا يحصل على الروح أيّ تأثير, وهو دليل على أن الروح جسم مستقل لا يعلم كيفيته إلّا الله تعالى وحده.
وأما قياس وجود الروح في الجسم بوجود صوت الأوتار بالضرب عليها فهو استدلال فاسد؛ لأن الأوتار أو الماكينات تتعطّل فور أيّ خلل في جسم تلك الأوتار أو الماكينات, فلو انكسر ترس واحد من الماكينة أو وتر واحد من أوتار الموسيقى التي استدلوا بها على ثباتها مع الجسم لتعطلت تلك الآلة بأكملها, وهو خلاف ما يشاهد في الروح والجسم, فالروح لا تتأثّر لا بالزمان ولا بالمكان عن عملها في الجسم, بل تبقى الروح مع قطع بعض أجزاء الجسم كما تقدَّم, ويبقى لها فهمها وإدراكها ولو تغيَّر الزمان والمكان.
وهذا ما قرَّره أيضًا العلم الحديث, ولم تقف الروحية عند هذا الحد, فقد ظهرت بحوث روحية غاية في إثارة الإعجاب "وهذه البحوث الروحية لا تثبت البقاء المحض للروح فحسب, وإنما تثبت بقاء عين الشخصيات التي كنَّا على علم بوجودها قبل موتها"١.
إن الإنسان له خواص غير عادية, وقد قام كثير من العلماء بدراسة هذه الجوانب, وأقيمت مراكز بحوث للعناية بالدراسة التجريبية لهذه الخواص