ما زعمه ماركس من أن تاريخ البشر وما يمرون به في حياتهم من أمور مختلفة إنما هو نتيجة لطريقتهم في الإنتاج إن هو إلّا كذبٌ محضٌ, فإنَّ حياة الناس ومعايشهم والتغييرات التي يمرون بها لا تتوقف فقط على الإنتاج, والواقع خير شاهد على أن الذي يغيِّر المجتمعات قد يكون أشياء كثيرة غير وفرة الإنتاج أو قلته، فالفِرَقُ المختلفة وأصحاب المذاهب الوضعية, واستعمار الناس بعضهم بعضًا, والحروب التي تشتعل بينهم, والغنى والفقر الذي يمرون به, وغير ذلك, كلها من العوامل التي تحدث التغيير في المجتمعات, ولا سبيل إلى إنكار هذا, مما يدل على أن قضية الإنتاج إنما هي جزء من الأجزاء الكثيرة التي تحدث التغيير في المجتمعات وليس المال فقط كما قرره الملاحدة, وكذلك ما زعمه الماركسيون من أن تاريخ البشر مَرَّ بالمراحل السابقة إلى أن وصل إلى الشيوعية, هي في الحقيقة كلها مزاعم فارغة كاذبة, وقد ظهر كذبها, فإن "ماركس" زعم أن العالم الغربي المتطور سيترك الرأسمالية ويتحوّل حتمًا إلى الاشتراكية الشيوعية, فكان العكس هو الصحيح؛ إذ رفض العالم المتطور فكرة الشيوعية وتقبَّلتها الدول المتخلفة نسبيًّا كروسيا والصين, وقد بدأت تظهر في تلك البلدان العودة إلى الرأسمالية رويدًا رويدًا, خصوصًا بعد أن بدأت الشيوعية تحتضر, كما أن ما يتنبئون به من أحداث ستحصل في المستقبل يدل على تناقضهم؛ لأنهم لا يؤمنون بأي شيء في المستقبل يدل عليه العقل, بل يؤمنون بما يدل عليه الواقع المشاهد الذي تفرزه الطبيعة فقط, إلى أن ماتت الشيوعية دون أن ينتقل الناس إلى الشيوعية الأخيرة التي زعموا أنها ستقضي على جميع الطبقات, فتبيَّن كذب الشيوعية جملة وتفصيلًا.