لقد جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا، لقد انجلت الغمَّة عن الناس وظهر الحق لذي عينين, فإذا بالماركسية في العراء في أقبح صورة وأتعس حال, وإذا بأكاذيبها وخزعبلاتها تداس بالأرجل، لقد راهن الملاحدة أن نظريتهم الإلحادية ستعمّ الأرض كلها, وسيصبح البشر كلهم ملاحدة كافرين بالذي خلقهم من تراب ثم من نطفة ثم سواهم أشخاصًا في غاية الخصومة لربهم, وقاهرهم متنكِّبين الحق, متعالين على الناس, محتقرين كل نواميس هذا الكون, ومحتقرين كل الشرائع والكتب المنزَّلة والأنبياء الكرام, في جدال بالباطل لا يملكون على كل نظرياتهم أيّ دليل حقيقي إلّا ما زخرفوه من شبهات باطلة, ونظريات زائفة لا تثبت أمام الحقائق, حتى وإن صوروها على أنها حقائق لا تقبل الجدال, وأنَّ كل ما عداها محل شك, مستندين إلى ما تَمَّ لهم من اكتشافات تجريبية كلها تصرّح بعظمة الباري -جل وعلا, ولكنهم قلبوا الحقائق وجعلوها أدّلة على إلحادهم, وكل ما هو لله -سبحانه وتعالى- جعلوه للطبيعة التي عبدوها من دون الله, وزعموا أنها تسيّر الكون في تناسق عجيب محكم, وترابط متشابك, وكان هذا يكفي دليلًا على وجوب الإيمان بوجود خالق مهيمن على كل ذرَّة في هذا الكون, يسيره على نسق واحد دون اختلاف حسب سننه في الكون, ولكن الشيطان حال بينهم وبين التفكير الصحيح, فقبلوا هذه الحقيقة وزعموا أن هذا التناسق إمَّا هو من شأن الطبيعة والمادة التي وصفوها بأنها لا بداية لها ولا نهاية لها, حتى لكأنَّ الخلاف بينهم وبين المؤمنين بالله تعالى خلافًا لفظيًّا, المؤمنون يسمون هذه الطبيعة إلهًا وهم يسمونها مادية.