ما أكثر الدعايات الكاذبة, وما أكثر الخدع التي يتفنَّن فيها الناس لخداع بعضهم بعضًا. ولن تجد صاحب هوًى ينادي باتباعه إلّا وهو يضمن للناس أنهم سيعيشون تحت ظله بالسعادة الغامرة والعيش الكريم, فيدخل من كُتِبَ عليه الشقاء في تلك التجارب المضطربة, وفي ظلماتها الحالكة, ثم تنجلي عنه الغمّة بعد فترة قد تطول وقد تقصر, فإذا به يلعن تلك المبادئ, ويعض أنامله من الندم على ما ضاع منه في خدمتها.
وهذا أمر بدهي؛ لأن السعادة والوصول إليها من الأمور الغيبية الخاضعة لمشيئة الله -عز وجل, وقد أخبر الله تعالى أنه لا يهدي القوم الظالمين, وأن من أعرض عن ربه فإنه سيعيش هذه الحياة عيشة ضنكًا لا يشعر معها بأيّ طعم للسعادة -كما هو حال أعداء الإسلام؛ حيث تجد الأغنياء في غاية القلق على مستقبل أموالهم, وتجد الفقراء في غاية الغيظ على الأغنياء, وتجد كل شخص يعيش غاية القلق على نهاية حياته, وأين سيكون مصيره بعد موته، وأمور أخرى تجعله في غاية الحزن والكآبة, خصوصًا وهو يرى تلك الفوارق الهائلة بين الناس في الدين وفي العيش وفي السلوك وفي الثقافات، بل وفي كل نواحي الحياة.
فإذا دخل باب الإنسانية وجد أنَّ ما تنادي به من أنَّ الناس سيصبحون