لقد حارب أعداء الإسلام والمسلمين الدين الإسلامي ومعتنقيه بكل ما لديهم من أسلحة في مواجهات فعلية بالجيوش النظامية, فعجزوا ويئسوا من الانتصار على المسلمين, فاتجهوا إلى حربه بطرق لا تثير الضجيج ولا تلفت الأنظار، وبالتالي فهي أضمن وسيلة للنجاح وأقل كلفة, ومن تلك الطرق الكثيرة غزو المسلمين عن طريق الفكر الاقتصادي تحت أشكال لا حصر لها من مساعدات وهبات وقروض واستثمارات وأيد عاملة في شتَّى المجالات الاقتصادية, فنجحوا نجاحًا ظاهرًا؛ حيث كسبوا المال ونشروا أفكارهم في سكون وتؤدة, فوقعت أكثر الدول الإسلامية في شراكهم واستعبدوهم عن طريق الحلول الاقتصادية, وأغرقوهم بالديون الربوية فزادوهم فقرًا على فقرهم, وتخلفًا على تخلفهم, إلّا من أفلت منهم.
إنها مؤامرة رهيبة هائلة تأكل في طريقها الأخضر واليابس, فالعامل والمذيع والصحفي والممثل والخطيب والطبيب منهم, والسياسي وغير السياسي, كل هؤلاء أصبحوا صفًّا واحدًا للزحف على الإسلام وصهر المسلمين في بوتقة الحضارة الغربية, تضافرت جهودهم واتحدت كلمتهم في الوقت الذي أصبح فيه المسلمون فرقًا وأحزابًا لا يلوي بعضهم على بعض, وفي الوقت الذي انخدعوا فيه بأن الغرب سيجعل من دولهم أو دويلاتهم محط الأنظار ومهوى الأفئدة في الاقتصاد, فإذا به لم يحقق لهم شيئًا من هذا, اللهمَّ إلّا في مجالات لا تسمن ولا تغني من جوع؛ كالسياحة والتنقيب عن آثار مَنْ عفى عليهم الزمن منذ مئات السنين, كذلك أيضا في