[المبحث الرابع عشر: إنكار وجود الله تعالى وتقدس]
[مدخل]
...
المبحث الرابع عشر: إنكار وجود الله -تعالى وتقدَّس
لولا حلم الله -عز وجل- لما استطاع أحد أن يبحث قضية وجود الله تعالى أو عدمها, وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد, فوجوده -سبحانه وتعالى- يتمثَّل بوضوح في كل هذا الوجود, من أصغر مخلوق إلى أكبره, بل الإنسان نفسه من أكبر الأدلة على وجود الله الحكيم الخبير, وإلّا فأي موجود يستطيع أن يزعم أنه هو الذي أوجد نفسه, وعلى الصورة التي أرادها أو قدّر لنفسه رزقها وأجلها ومصيرها بعد ذلك.
لقد أقدمت فئة شاذَّة استهواهم الشيطان وماتت قلوبهم وإن كانوا أحياء يرزقون, فذهبوا يعترضون على وجود الله تعالى وهم الملاحدة, وقد مهَّد لهم الطريق علماء الكلام الذين وصفوا ربهم بأنه ليس فوق ولا تحت ولا يمين ولا يسار ولا داخل العالم ولا خارجة ولا يحس ولا يشم ولا يشار إليه ... إلخ، ولقد كثرت الردود على الملاحدة وعلى علماء الكلام الباطل في هذه القضية الخطيرة, بما لا يكاد يحتاج إلى زيادة.
إنني أتضايق كثيرًا من سرد الأدلة على وجود الله تعالى, وهو ما أعتقد حصوله في قلب كل إنسان مؤمن بالله سليم الفطرة, لم تنحرف به شياطين الإنس والجن، إن الله -عز وجل- أجلّ وأعظم من أن يحتاج وجوده إلى شخص من الناس يثبته أو يجادل خصومه لإثبات وجوده.
وفي اعتقادي أن الذي يبحث في إثبات وجود الله تعالى دون حاجة ملحة أن يجب أن يؤدَّب تأديبًا بليغًا, ومن ابتلي بالخوض في ذلك فعليه أن يستشعر عظمة الله تعالى وأن لا يخوض في هذه القضية الهائلة إلّا بقدر الحاجة، والله المتسعان, ونعوذ بالله من وساوس الشيطان.
وما دمنا في دراستنا للشيوعية وتكذيب مزاعهما فإنني أحب أن يقف القارئ على الحقائق التالية, واللبيب تكفيه الإشارة.