إن دراسة الأحوال الاقتصادية والتعرُّف على مشكلاتها ومعرفة حلولها أمر ليس من السهولة كما قد يتصور البعض, فهي أفكار وتجارب ودراسات مقارنة, وحلول لا بُدَّ أن تكون حاسمة في مثل هذه القضايا الخطيرة التي هي من الأسس الهامة في تفرق الأمة وفي نشأة النظم المختلفة والمذاهب المتنوعة, ولقد كثر الجدل واشتدت الخصومات بين الناس لاختلافهم في مفاهيمهم للاقتصاد وطرق الوصول السليم إليه, وكلها متاعب قد تقف واحدة منها في طريق الباحث فتثنيه عن مواصلة دراسته لهذا الجانب الخطير, وقد لا يتصور البعض أن في دراسة الأمور الاقتصادية خدمة جليلة للإسلام وأهله, ومن تصوَّر هذه الخدمة وأحسَّ بوجوب النصيحة لإخوانه المسلمين, وإجلاء عظمة الإسلام ونظامه البديع في الأمور الاقتصادية, ومقارنة ما جاء به الإسلام بما جاءت به الأنظمة الوضعية في هذا الميدان, هان عليه الأمر في اقتحام هذه المتاعب وتجرأ على المشاركة والإسهام في تقديم هذه النصحية مهما قلَّت تكثيرًا للأصوات التي تنادي بوجوب الالتزام بالحلول الاقتصادية على ضوء الشريعة الإسلامية, وأن خير البشرية وسعادتهم تكمن في هذا، وبيان أنَّ ما قدمته الحلول الوضعية إن هو إلّا سراب، بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا، وأن من الإجرام إغفال بيان هذا, أو ترك المسلمين دون توجيه, فربَّ مُبَلَّغ أوعى من سامع.