علَّل الملاحدة لظهور الإقطاع بأنَّ العالم كانوا على طبقتين: هما طبقة كبار الملاك، وطبقة رجال الدين، وبقية الناس مسخَّرين مستعبَدين لهاتين الطبقتين, وحينما ظهرت أدوات الإنتاج المتطورة كالمحراث الحديدي وغيره من الأدوات الجديدة ظهر الإقطاع بشكل قويّ, وصار المستعبَدون تحت رحمة الملَّاك وأصحاب الجاه, يعملون لحسابهم ولا ينالون إلّا ما تجود به أيدي أولئك الأثرياء, في الوقت الذي كان فيه الأثرياء ورجال الدين قد تمالأوا على إبقاء تلك الطبقة الفقيرة في معزل عن التفكير السليم لحالهم, ولكن وبعد وقت أفاق الفلاحون ورأوا ما حلَّ بهم من الغبن, فثاروا ضد تلك الطبقات الثرية والدينية لرفع الظلم الفاحش عنهم, ولكن ثورتهم كانت أضعف من إزاحة تلك الطبقات الثرية والدينية لما يأتي:
أولًا: لأنها ثورة غير منظمة.
ثانيًا: لحاجة الفقراء الشديدة.
ثالثًا: للقوة المتينة التي كان يتحصَّن بها الأثرياء وأصحاب الدين.
إلّا أنَّ تطور الأمور الاقتصادية أخذت تحطّ من كبرياء أصحاب الثروة من الإقطاعيين لتحلَّ الرأسمالية بدل الإقطاع في حركات تطورية متلاحقة تتمشَّى مع خيالات واضعي الماركسية، وبغضِّ النظر عن صحة هذا التعليل أو عدم صحته, فإن الإسلام يعتبر تلك الأوضاع كلها باطلة وجاهلية بغيضة ما أنزل الله بها من سلطان، على افتراض وجود تلك الأحوال على الصورة التي تخيلها "ماركس" وأتباعه، فلا يجوز ردَّ الحق بالخطأ والتخمين.