لقد جاء الإسلام بتهذيب الأخلاق والدعوة إلى المكارم وإلى حسن الخلق وكل معالي الأمور، وحذَّر من كل خلق رديء، وكان المسلمون في أزهى عصورهم يمثِّلون في العموم تلك الأخلاق الفاضلة، ثم خلفت خلوف زاغوا عن ذلك النهج الواضح والصراط المستقيم، وأخذوا ينحرفون رويدًا رويدًا, وينزلقون إلى الهاوية باتِّباع الهوى والانحرافات العلمانية، وكلما أحدثوا انحرافًا جعلوا له واجهة إسلامية ليقاوموا كلَّ من يحاول أن يثنيهم عن أهدافهم المنحرفة للوصول إلى تطبيق الأخلاق العلمانية تمامًا، ثم زاد الطين بلة اطِّلاعهم على الانحرافات الغربية التي يسميها أهلها حضارة وتقدمًا، فانغمسوا معهم، ونسوا ما عندهم من الفضائل التي دعا إليها الإسلام، فإذا بهم يواجهون الغرب برءوس منكَّسة, وكأنهم -بعد نسيانهم حضارتهم الإسلامية العريقة- يواجهون عباقرة ينبغي أن تُحْنَى لهم الجباه, فتركَّبت عقدة النقص في نفوسهم, بقدر ما ارتفعت أنوف الملاحدة اللادينيون الذين صرخوا فيهم بأنَّ تأخركم إنما يكمن في تمسككم بالإسلام وسلوكه