للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الخامس: حكم السيادة في الإسلام]

١- إن من الأمور المسلَّمة والمعروفة ضرورة أن السيادة في الإسلام ليست من اختصاص البشر بعضهم لبعض, بل هم جميعًا في درجة واحدة مهما اختلفت أحوالهم, أمام سيادة واحدة فيها صلاح جميع البشر, وعدم تعالي بعضهم على بعض, إنها سيادة الشرع الشريف المنزَّل من الخالق العليم, ولا عبرة بالسيادات الجاهلية, فإنها من اتخاذ البشر بعضهم لبعض أربابًا من دون الله, وهي سيادات أقلّ وأذلّ من أن تؤلف بين المجتمعات أو تنظم حقوقهم بصفة عادلة غير متحيزة؛ لأنها من صنع البشر الناقصة عقولهم, القاصرة أفهامهم عن إصابة الحق في كل شئونهم على الوجه الصحيح.

وعلى ذلك أجمعت الأمة الإسلامية خلفًا عن سلف لم يخالف منهم أحد على أن الشريعة هي حق الله تعالى على عباده {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} ١، أي: الاستسلام التامّ له عز وجل, فمن لم يستسلم له ويسلّم قيادة نفسه لأمره وعليه, فليس على الإسلام التحاكم إليه, والرضا بما حكم به, والانقياد لأمره والانتهاء عن نهيه, وتحليل ما أحلّه, وتحريم ما حرّمه, وعدم الالتفات إلى التشريعات البشرية, وبغضها وبغض من يلتزم بها.


١ سورة آل عمران، الآية: ١٩.

<<  <   >  >>