والإسلام وإن كان لا يمنع حب الشخص لوطنه لكنه يوجب ملاحظة أمور لا بُدَّ أن تكون في حسبان المسلم, وأن يلاحظها بدقة فلا يوالي ويعادي من أجل الوطن, بل يجعل الولاء أولًا لله تعالى؛ عليه يوالي وعليه يعادي, فلا يقدِّم محبة الوطن أو أهل الوطن على محبة الله تعالى ومحبة من يحبه عز وجل, كذلك يجب أن لا يكون حب الوطن ينشأ عن عصبية جاهلية أو على طريقة الجاهلين انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا, بمعنى الوقوف إلى جانبه سواء كان على حق أو على باطل بحجَّة أنه أخاه في الوطن, بل عليه أن يراعي الأخوة الإسلامية قبل أخوة الوطن, فإن أخوة العقيدة أثبت وأنفع من أخوة الوطن على طريقة خاطئة.
وكل محبة في الله تبقى ... على الحالين من فرج وضيق
وكل محبَّة فيما عداه ... فكالحلفاء في لهب الحريق
ومما لا مجال للشك فيه أن المسلمين ما ضعفوا وما استكانوا إلى يوم قدموا الوطنية وافتخر كل أهل وطن بوطنهم, ولم يهتم بعضهم بالبعض الآخر, فكان الجميع لُقْمَةً سائغة لأعدائهم, فانفردوا بإذلال أهل كل وطن كما هو الوضع الآن, وانتشرت مع الأسف دعوات جاهلية صار يرددها الكبير والصغير والمرأة الرجل, وهو شعار التضحية في سبيل الوطن, أو بذل الدم من أجل تراب الوطن, ونحو ذلك من الكلمات التي أثمرت التخاذل حتَّى عن الدفاع الجادّ عن أوطان