ومن المشاهير في تقديس القومية رئيس مصر جمال عبد الناصر, الذي كانت له صولات وجولات وألقاب فخمة, وتزعَّم في هذا العصر الدعوة إلى القومية العربية, عمل ما في وسعه في سبيل تقويتها وانتشارها, بل وجعلها دينًا مقدًّسًا وعقيدة أساسية, واستحوذ على كثير من مصادر الإعلام في وقته وسخرها لترديد أفكاره القومية وتمجيد العروبة, وأنها هي المنقذ الوحيد لإزالة المستعمرين, والطريق القويم إلى التقدم ونبذ الرجعية, وأن العرب سيعيشون في الجنة التي وعدهم بها الدين, سيعيشونها في هذه الدنيا تحت ظل راية القومية العربية إن استقاموا على الالتزام بتقديس القومية والاشتراكية, وكانت له صولات وجولات ودعايات هائلة, حتى مرَّغ الله أنفه تحت رجليه بهزيمته أمام إسرائيل في دقائق معدودة, فإذا بهذا الجبَّار الذي كان يمدح بأنه أبو الأحرار وقامع الرجعية ورائد العروبة ... و...و ... , بل كان يقال: لن ننهزم وناصر فينا, ثم انحلَّت المعركة عنه فإذا به دمية صغيرة, وأن فأسه كان من طين ولقي الخزي والهوان وهو ينظر إليه.