إنَّ أوَّل ما يدل على بطلان فكرة القومية وأنها شرٌّ لا خير فيها, أن وراء قيامها اليهود والنصارى وسائر الملاحدة, فماذا ننتظر أن تأت به من الخير للبشرية أو للمسلمين بخصوصهم بعد هذه التيارات المنشئة لها.
ألم يكن غرض القوميين هو تفتيت أيّ مجتمع متماسك, والانفراد بكل تجمُّع لا يتَّفق وأهدافهم؟
ألم يتفرَّق المسلمون بعد دخول القوميات بينهم, واعتزاز كل قطر بقوميته ومآثره الجاهلية؟ وأصبح المسلمون بصفة عامَّة لا يلوي بعضهم على بعض, بعد أن تقطَّعت الدولة الإسلامية إلى أوصال ممزَّقة يقاتل بعضهم بعضًا في حروب أهلية تأخذ الأخضر واليابس, والقومية تمدُّهم بكل المبررات لهذا السلوك الذي حذَّر منه الإسلام؟
وبالرغم من تلك المناداة الجوفاء التي أطلقها دعاة الفكرة القومية من أنَّ الناس سيعيشون في منتهى السعادة حينما يطبقون تعاليم القومية بحذافيرها, وأن كل قطر يلتزم بها سيصبح محترمًا, فكانت النتيجة أن حلَّ بهم الشقاء والذلّ؛ سواء أكانوا من العرب أو من غيرهم, بل لقد شقي بها من كان مهَّد نشأتها من الدول الأوروبية ونداءات من ينتسبون إلى العرب بخصوصهم, إنما هي دلالات على حمقهم ورعونتهم, وإلّا فأي مستند لهم