للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الحادي عشر: محاربة الدين]

يزعم المادّيون أن الدين إنما هو انعكاس وهميّ في أذهان البشر نحو قوة خارجية تسيِّر الكون لا أنَّه حقيقة منَزَّلة من الله كما هو إيمان جميع المؤمنين بالله تعالى، ثم زعموا أن هذا التوهُّم نشأ في أزمنة موغلة في القدم عند البدائيين؛ حيث كانت البداية هي توهم أن الإنسان له روح تسكن في جسده وتفارقه لحظة الموت, ومن هنا اضطروا إلى اصطناع أفكار تتوافق في العلاقة مع هذه الأرواح التي تطوّر أمرها بعد ذلك إلى توليد الآلهة الأولى وفي غير الأرض, ثم نشأ بفعل التولد في عقول الناس أن يتطوَّر أمر هذه الآلهة إلى إله واحد كما في الديانات التي تعبد إلهًا واحدًا, وعلى هذا فإن الدين إنما تولد عن نظريات الإنسان المحدودة التي نجمت عن عجزه المطلق أمام الطبيعة العاتية التي كان يخافها ولا يفهمها, فتصور أن ذلك إنما نتج عن إرادة سامية عليا فُسِّرَت بعد ذلك بإسنادها إلى الآلهة وقوتها وجبروتها المطلق, والتي أصبحت هذه الآلهة في شكل إله واحد قوي جبار عند الكثير، ثم زعموا أن هذه المعقتدات في الإله إنما تعود عند الإنسان في الأساس إلى ما قبل التاريخ، وحينما جاء العهد التاريخي وجدها هكذا فالتقطها بغباء دون فهم, وقد أرجعوا السبب في ذلك إلى الحالة الاقتصادية التي كان يعيشها الإنسان في عهد ما قبل التاريخ, وهو اقتصاد ضعيف, وفي صورة بدائية تعتمد على الاشتراك في الصيد والماء والمراعي, وتعاون الجميع. هذا في عهد ما قبل

<<  <   >  >>