لأن حينما دعت الوجودية إلى التجرد التام من كل القيم والمثل والأخلاق والأعراف, فإن معناها يعادل معنى الفوضية والفراغ بأكمل صوره, فهي تتمثَّل في عبادة الإنسان لذاته, وذلك بأن يمتّعها بكل ما يستطيع الوصول إليه من المتع الدنيوية, فلا وجود فيها للإله ولا للدين ولا للأخلاق, ولا مكان فيها للحشمة أو العيب؛ لأن هذه الأمور في نظر الوجودية قيود تكبّل صاحبها عن انتهاب اللذات في وجوده الذي لا يعود إليه إذا فارق الحياة حسب اعتقاده. فالوجودي يفعل ما يشاء ويترك ما يشاء دون أي اعتبار إلّا رغبته هو, وبالتالي فلا خير ولا شر ولا وطن ولا زوجة ولا مجتمع, كل هذه قيود يجب حذفها عند الوجودي, ولهذا وجدت هذه الوجودية القذرة طريقها إلى قلوب يجب حذفها عند الوجودي, ولهذا وجدت هذه الوجودية القذرة طريقها إلى قلوب الشباب والشابات في أوربا وأمريكا وغيرها, فأنشأت لها نوادي العراة والهيبز والخنافس الذين يهيمون في هذه الحياة, لا يدرون إلى أين يسيرون ولا إلى أي مكان ينتهون إليه, بل إنَّ الوجوديين يعيبون على أهل الدين أنهم جبناء, وأنهم يهربون من واقعهم إلى واقع آخر لا وجود له وهي الآخرة وما فيها, وأن الشجاع هو الذي لا يلقي بالًا لما تذكره الأديان من بعث وحساب وجزاء.
إن الوجودية غزو فكري من أخطر دعوات الهدم والإباحية, وقد تلقفها اليهود عن اليهودي سارتر وأشاعوها وأذاعوها لما يرون من فائدتها في تحطيم حياة الجويم, وانشغالهم بها عن مخططات اليهود لاستعمار العالم كله.