للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حارب سارتر صفة الإمكان في الموجودات, وزعم أن كل موجود لا يمكن أن يصدر عنه وجود آخر على أية صفة, فالحجر يبقى حجرًا دائمًا, والخشبة تبقى خشبة دائمًا, وهكذا سائر الأشياء, وكابر العقل في هذا وأنكر الواقع فما يكذبه أن الحجر قد يكسر ويبني به, ويعمل منه أشياء كثيرة, والخشبة قد تقطع ويمكن أن يستفاد منها في عدة أغراض فتكون عصًا وتكون بابًا وتكون غير ذلك حسب إرادة الإنسان, والحديد يمكن أن يكون بابًا وسلاحًا, وقطعة القماش يمكن أن تكون ثوبًا أو عمامةً وغير ذلك, فنفي الإمكان في الأمور مكابرة وخيال سخيف منه, وزعمه أن لا خالق لهذا الكون وأن الفكر يجب أن يقتصر على النظر إلى الموجودات بحدِّ ذاتها لا على أن لها موجودًا آخر هو زعم كاذب ترده النصوص الإلهية والعقول السليمة؛ لأن الذي يتأمَّل الموجودات ويفكر فيها لا بُدَّ أن يصل إلى نتيجة حتمية, وهي أن لكل موجود موجِد لا بُدَّ, وفلسفة سارتر تريد أن يقطع الإنسان مثل هذا التفكير لئلَّا يجره إلى الإيمان بالله تعالى, وأنه هو الموجِدُ لهذه الموجودات المختلفة١.


١ بتصرف عن كواشف زيوف ص٣٧٧.

<<  <   >  >>