للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالفعل لا بالقوة حسب زعمه, فالخشبة مثلًا هي خشبة تامّة وكاملة, لا يمكن أن تكون بابًا أو نافذةً حسب زعمه, وهذا باطل وإنكار للواقع.

- والنوع الثاني: يريد به وجود الأشياء في الذهن, وسمَّاها الموجودات لذاتها, أي: التي تريد أن تحقق ذاتها فقط, وليس ثَمَّ شيء خارجًا عنها, وهو غير مستقر, بل دائم التغير, وهذا هو السبب في أن حرية الإنسان هي صميم وجوده الشعوري المشتمل على مختلف النوازع في الإنسان لكي يحقق ذاته بنفسه "لأنه يخلق نفسه بنفسه كل لحظة", ومن هنا أنكر سارتر وجود الله تعالى, وأنكر الرسل؛ لأن وجود الإنسان قائم على ذاته فقط, وليس هناك رقيب عليه, أو لا يجب أن يكون عليه أي رقيب؛ إذ هو الخالق لذاته وما يعمله, وكذلك لا خير ولا شر في هذا الوجود, وإنما مرد ذلك إلى نفس الإنسان ومزاجه في الحكم على الأمور؛ من حيث يعتبرها خيرًا أوشرًّا, وليس عليه أية مسئولية تجاه أحد, ولكنه هنا أدرك استحالة هذا الأمر, فقرر أن الإنسان مسئول عن عمله, وهذا تناقض منه واضح, شأن أهل الباطل -كما تقدَّم, ونظرية سارتر قامت أساسًا على عدم الاعتراف بموجِدِ هذا الكون, وإن وجود ما في هذا الكون هو الوجود ذاته, القائم بنفسه دون أي تأثير, ومعنى هذا أن كل موجود في الخارج يكون هو الذي أوجد ذاته بنفسه, هو كلام متناقض أشنع التناقض, حمله عليه رغبته في تضليل الناس وإبعادهم عن الإقرار بالله تعالى؛ لتكون نظريته رافدًا آخر للماركسية, قال تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} ١.


١ سورة الطور، الآية رقم: ٣٥.

<<  <   >  >>