لقد تبين أن ما يجذب الناس إلى قبول الإنسانية جهلهم بدينهم، ثم جهلهم بما تهدف إليه الدعوة الإنسانية، ثم انخداعهم بذلك الشعار الأجوف الذي ينادي به دعاة الإنسانية، وهو الاجتماع على الإنسانية بغضِّ النظر عن أي اعتبار من دين أو لون أو وطن، فالكل تتسع لهم مظلَّة الحرية والإخاء والمساواة التي يوفِّرها لهم مذهب الإنسانية.
وإن الذين يعتنقونها سيعيشون عيشة راضية، فانخدع الكثير بمثل هذه الدعايات البرّاقة، وقد عرفت أنها دعايات الماسونية الماكرة التي تتربَّص للقضاء على كل الأديان تحت شعارهم "اخلع عقيدتك على الباب كما تخلع نعليك"١ فمن المعلوم أن خلع العقيدة ووضعها على الباب إلى جانب النعال إنما يراد بها عقيدة من يسمونهم بـ"الجوييم" أو "الأمميين"، أما عقديتهم هم فهي التي يقوم عليها مذهب الإنسانية, وهي التي يجب أن تبقى بعد أن ينسلخ الداخلون في الإنسانية عن عقائدهم, ويتنازلون عنها لكي يتم دخولهم في مذهب الإنسانية.
ومنها أن دعاة الإنسانية يزعمون أنه يجب أن يكون الهدف الذي يصل إليه الإنسان ويضحي بفرديته من أجله هو خدمة الآخرين, وإخضاع نزعاته الفردية كلها لخدمة النوع الإنساني أجمع تحت شعار "الحياة لأجل الغير"، قد صاغه "كونيت", وسماه الموجود الأعظم، وأحلَّه محل الإله في التقديس،