وجعل لمذهبه كهنة وطقوسًا تقدِّم للرجال الذين أسمهوا في خدمة الإنسانية في أعياد، وتخصص لهم تلك الأعياد ليشعرهم بأنهم على شيء.
ويجب التنبيه إلى أنَّ بعض الكُتَّاب يفسِّرون الإنسانية على أنها هي العطف والرحمة ومساعدة المحتاجين، والتمسُّك بالأخلاق الفاضلة والسلوك الحسن، ويذكرون على كل ذلك أدلة من القرآن الكريم ومن السنة النبوية المطهرة.
ودراستنا هنا لا تتعلق بهذا المفهوم للإنسانية، فهو حقٌّ مؤكَّد، ولكنَّا بصدد بحث الإنسانية التي تخفي وراءها مخطَّطات خطيرة لتدمير تراث الإنسانية، وبالأخص تراث المسلمين.
شعارات خادعة طالما نادى بها اليهود, وخدعوا بها الناس سرًّا وجهرًا, مثل: الحرية والإخاء والمساواة بين الأفراد والشعوب, ووحدة الأسرة البشرية ومجتمع الإنسان المتعاون, وحق الجميع في الحياة الكريمة, إلى آخر تلك الألفاظ البرَّاقة الخادعة التي هي للاستهلاك ولسد فراغ أذهان الفارغين، وقد قال أحد دعاتها وهو الفرلي:
"حينما يصبح الجميع أحرارًا في تفكيرهم, لهم من الشجاعة ما يجعلهم يتقبَّلون ما هو خير وعدل وجميل, عندئذ يكون من المحتمل أن يسود العالم دين واحد, وإني سأكون سعيدًا باتباع دين عالمي موحَّد تنبع مصادره من حقائق التاريخ, وتشمل مبادئه العدالة الاجتماعية, وتقوم بفضله مظاهر الحب والإخاء على أنقاض الكراهية والخصومة"١.
١ انظر الإسلام والحضارة العربية ص١٣٢، د. محمد محمد حسين.