اختلف دعاة الاشتراكية فيما بينهم, وافترقوا إلى أحزاب في مفهومهم للاشتراكية وفي المقصود بها، إلى حد أنه بلغت معانيها المائتين في بريطانيا وحدها١.
وهذا يذكرنا بقول الأعرابي حينما سمع أسماء القط الكثيرة فقال:"قبحَّه الله, ما أقلَّ نفعه وما أكثر أسمائه", وأقول لك قبل أن أذكر أهم التعريفات لها: لا يهولنَّك كثرة تلك الاختلافات, فإن مصبَّها في النهاية واحد, هو الإلحاد والتشريع للبشر من دون الله تعالى "تعددت الأسباب والموت واحد"، وإذا رجعنا بمعنى الاشتراكية إلى ما قبل "كارل ماركس" فإننا نجدها قد ظهرت في أماكن مختلفة في دعوات إلى إلغاء الملكية الفردية وإلى نبذ التقاليد والأعراف, وشيوعية الأموال والنساء بين الجميع, ويطلق على هذه الاشتراكية اسم الاشتراكية القديمة, قبل مرحلة ظهور النظام الرأسمالي الذي يناقض الاشتراكية تمامًا في تقديس الملكية الفردية والأنانيات الأخرى التي تميز بها، بل وقبل ظهور الإسلام بمئات السنين على عهد "أفلاطون" والسير "توماس مور", وقبلهم "مزدك" في فارس, وغيرهم الذين استفاد منهم "كارل ماركس" نظريته الشيوعية أو الاشتراكية العلمية الغربية على الأديان كلها, والتي لم يقرها لا الإسلام ولا غيره من الديانات.
١ انظر التضليل الاشتراكي ص١٢, نقلًا عن "نورمان ماكنزي" في كتابه عن الاشتراكية ص٧-٨.