أفي القرآن الكريم؟ أم في السنة النبوية؟ هل وجدوا نصًّا فيهما يمجِّد العروبة أو يدعو إليها؟ كلّا.
نعم ورد في القرآن الكريم ما يفيد نسبة الشخص إلى قومه, وهذا معروفٌ, فإنَّ لكل شخص قومًا, فهي نسبه بحسب الواقع, وهي أمر معروف وبدهي, وليس في القرآن الكريم الافتخار بالقومية أو الدعوة إلى التجمع حولها, أو جعلها بديلًا عن الدين, بل ما ورد في السنة يدل على عكس ذلك؛ حيث وصفها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأنَّها دعوى جاهلة, وأنها خبيثة يجب الانتهاء منها١.
ودعاة القومية تجدهم في تلمُّسهم لأيّ أمر يمدحون به القوميات الجاهلية يذكرون بعض الصفات الحميدة من الصدق والكرم والشجاعة والإيثار ونحو ذلك, ويجعلونها حضارة عريقة لهم ويهولون من أمرها ليحببوا الناس إلى الرجوع إليها، ويذكرون كذلك بعض الآثار من العمران والتحف, ثم يقفون أمامها خاشعين ذليلين زاعمين أن أهل العصور المتأخرة لا يمكنهم بحالٍ عمل ذلك أو ما يقاربه, وذلك ليملأوا فراغ قلوب من يصغون لكلامهم ممن قصر فهمهم للإسلام.
ومن غرائب الأمور أن ينادي القوميون سواء أكانوا من العرب أو من غيرهم بأنَّ في التمسك بالقومية تحقيق للوحدة والتآلف, فهل تَمَّت الوحدة الشاملة التي ينادي بها زعماء القومية العربية أو غيرهم, أم أن القومية كانت هي المعول الهدّام للوحدة في كل بلد حلَّت به من بلدان العرب أو من