غير العرب {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} ١.
لقد ظنَّ دعاة القومية -إن أحسنَّا بهم الظن- أنّها رابطة حقيقية لتوحيد من يتعصَّبون لهم أيًّا كانت تلك القومية, إمَّا وطنية, أو اللغة بعينها, أو تاريخًا مشتركًا, ولكنها في الحقيقية سراب يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا.
فقد ثبت بتجارب الأمم على مرِّ التاريخ أن الذي يوحِّد الناس حقيقةً ويؤلِّف بين قلوبهم ويجعلهم كالجسد الواحد أو كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضًا, إنما هو الالتزام بمنهج الله تعالى ودينه القويم, وما عدى ذلك فإنه خداع وتضليلات يُرَاد من ورائها مصالح بشرية تزول بزوال تلك المصالح, شأن التشرعيات والاجتماعات الجاهلية التي أبت شرع الله تعالى, وروضوا بالتحاكم إلى الطاغوت والاجتماع على ما يمليه عليهم.
وعلى القوميين أن يتفهَّموا مقاله الناس "الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل", أو قولهم:"الاعتراف بالحق فضيلة".