للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسلمين وأعراضهم نصرة المظلومين وإرجاع الحق لأهله, بعد أن ماتت هممهم وغيرتهم وتوزعتهم الأهواء وأثخنت فيهم الدعايات الجاهلية.

إن دعاة الوطنية لم يقفوا بها عند حدٍّ فقد قدّسوا الوطنية إلى حد العبادة من دون الله تعالى, وأحلوها محل الدين, وصاروا لا يدعون إلّا إلى تقديسها, ونسيان كل أهل وطن مِمَّن عداهم من أوطان المسلمين الأخرى, ونشأ عن تلك الدعوات الفخر والخيلاء والاستكبار بغير الحق والتعالي والغطرسة الكاذبة, بل وركن أهل كل وطن على قومهم في وطنهم في كل شيء حتى في الانتصار على الأعداء, فَقْد نسوا أن النصر من عند الله تعالى, فصاروا يمتدحون بأن الوطن سيمنحهم الشجاعة والنصر والعيش الكريم, وأنَّ وطن كل طائفة سيصبح مقبرة للغزاة والطامعين, ولكنها جعجعة ولا ترى طحنًا وعنترة جوفاء فضحتها الوقائع القائمة.

وقد بلغ من تقديس الأوطان عند دعاة الوطنية الجاهلية أن يطلبوا إلى كل شخص أن يقدِّس وطنه على كل الملل والأديان, وأن يضحي بكل ما لديه لوطنه:

بلادك قدسها على كل ملة ... ومن أجلها أفطر ومن أجلها صم

بل وقال:

سلام على كفر يوحِّد بيننا ... وأهلًا وسهلًا بعده بجهنم

وإذا وصل الإنسان في حب وطنه إلى هذا الحد فماذا سيبقى لحب الله, وللمحبة في الله ما دام حب الوطن هو كل شيء في حياة الإنسان, عليه يحيا

<<  <   >  >>