للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مجال الفن والموسيقى, وغير ذلك من التوافه التي يراد بها صرف أنظار المسلمين عن واقعهم الحزين, وإشغالهم بطلب الاقتصاد والغنى عن طريق تلك التوافه, ومن الأدلة الواضحة على هذا ما تسمعه -عزيزي القارئ- من بذل الدول النصرانية المساعدات بسخاء, والقروض الوافرة بشرط أن تنفذ في تلك المجالات التي يعدونهم بأنها ستجعل اقتصادهم في القمَّة في الوقت الذي يتلمَّض فيه كثير من الشعوب الإسلامية جوعًا, وهم في أمسّ الحاجة إلى لقمة العيش بدلًا عن التنقيب عن آثار تلك الأمم الغابرة -من فراعنة وغيرهم- والافتخار, ثم يأخذون في إسباغ هالة من التعظيم لها؛ لكي يتقبلها أولئك البؤساء ظنًّا أنهم وصلوا إلى تحقيق أمالهم الاقتصادية العريضة, إلى حد أن علماء الآثار يزعمون أحيانًا أنهم يجدون جمجمة إنسان تعود إلى أربعة آلاف سنة أو أكثر {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} ١.

وهذا يتطلّب من جميع المسلمين أن يصححوا أوضاعهم الاقتصادية, وأن لا يجعلوا لأعدائهم سبيلًا لإذلالهم لهم, وأن يصفّوا كل الأفكار العالقة بأذهانهم بأذهان المسلمين من حضارة الغرب وتقدمهم وإكبارهم لهم, وأن يعيدوا إليهم ثقتهم بقدرة الإسلام على حلّ كل المشكلات الاقتصادية بطرقه الحكيمة الواقعية ففيه الخلاص, وفي نظامه الخير كله, ولن يصلح آخر هذه الأمة إلّا بما صلح به أولها, وأن يعلموا يقينًا أن أعداء الإسلام لا يزيدونهم إلّا خبالًا وخسرانًا, بل وإذلالًا لهم في سبيل الحصول على غنى خيالي أو كمال, وقد قيل في الأمثال: "جعجعة ولا ترى طحنًا".


١ سورة الكهف: الآية: ١٠٤.

<<  <   >  >>