أخوة متحابين لا فوارق بينهم ولا أحقاد, إنما هي كذبة صريحة وأمان فارغة يكذبها الواقع بكل وضوح, وأنها لم تحقق شيئًا منذ أن نادى أقطاب الإنسانية بالتجمُّع على مبدائها؛ ليعيشوا الحرية والإخاء والمساواة والحياة الكريمة بأجلى مظاهرها -كما يفترون, وبان لكل ذي عينين كذبهم في أن العائق الوحيد أمام وصول الناس إلى تلك الرفاهية إنما هو الدين وتعاليم الأنبياء فقط, فإذا خرجوا عن ذلك عاشوا حياتهم دون رقيب, لا دين ولا خلق ولا أمر ولا نهي, أي: إن الشخص يمشي مكبًّا على وجهه لا يبالي بأيّ سلوك في سبيل أن يعيش متعة حياته كيفما استطاع, وتعمق بعضهم في دخول هذه الدعايات, فإذا بهم يجدون أنفسهم يعيشون حياة بهيمية منطلقة لا فرق بينهم وبين سائر الحيوانات البهيمية, يجمعهم الخروج على الأديان, وعلى كل ما تنادي به من الأخلاق الرفيعة والسلوك المهذَّب المؤدَّب, فلا يعرف الحق من الباطل, ولا الكفر من الإيمان, ولا السلوك المحمود من السلوك المذموم.
وأنت ترى من كل أهداف دعاة الإنسانية أنهم يسعون لتمييع الفوارق بين الناس, ولتخديرهم تمامًا ليتسنَّى بعد ذلك تحميرهم لليهود الذين هم وراء كل جريمة, ووراء قيام دعوى الإنسانية, وإبعاد الناس عن كل دين غير الدين اليهودي, وما قيام كارل ماركس، ولينين، وستالين، وسائر الحركات الشيوعية في العالم إلّا بتخطيط حكماء اليهود, وبغضِّ النظر عن مزاعم دعاة الإنسانية في إسعادها للناس, نقول: هل تحقَّقت في يوم من الأيام تلك الأحلام الإنسانية؟ أو يمكن أن تتحقق؟