وكان هذا الحال في الوقت الذي عمَّ الجهل بالله تعالى وبدينه القوميّ وكان للأحوال الاقتصادية التي يمر بها الناس نصيب الأسد في تقبُّل الناس للإلحاد؛ حيث انعدمت في المذهب الرأسمالي ونظام الإقطاع وسيطرة البابوات والأباطرة صفة الرحمة والعطف على الفقراء, فإزداد الأغنياء غنًى وزاداد الفقراء فقرًا وذلًّا.
فاستغلَّ الملاحدة تلك الأوضاع للتأثير على الناس بأن الأمر موكول إلى تصرفات الناس وليس هناك إله مدبر له, فازداد نشاط دعاة الإلحاد وأظهروا أنفسهم بمظهر المنقذ للفقراء, والساهر على مصالحهم, والمهتم بمشاكلهم, والمتصدي للقضاء على كل الأنظمة الفاسدة والطبقات المتجبرة, وبعد أن قوي أمر الملاحدة واستولوا على الحكم في روسيا وغيرها, وجَّهوا مدافعهم وبنادقهم إلى صدر كل من يأبى الدخول في ملتهم, فأثخنوا في الأرض, وأدخلوا شعوبهم في الإلحاد راغبين وراهبين.
ومما ساعد على انتشار الإلحاد أيضًا ما وصل إليه الملاحدة من اكتشافات علمية هائلة مكَّنهم الله منها استدراجًا لهم, وإقامة للحجة عليهم, على ضوء قوله تعالى:{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} ١، فكلما تَمَّ لهم اكتشاف جديد فسّروه على أنه من بركة تركهم للإله وللدين, وانطلاقهم أحرارًا من ذلك, فاغترَّ بهم كثير من الجهال وظنوا أن ذلك صحيحًا, وأن هذه الحياة التي يعيشها العالم اليوم من تقدّم مادي وصناعات مختلفة وانفتاح تام