يجيز الخداع ولا النفاق, ولا يجيز الاحتيال على الناس وابتزازهم, لا في دينهم ولا في دنياهم, بل يعتبر الوصول إلى سدة الحكم أمانة عظيمة حملها ثقيل ومزالقهاخطيرة, ولا يعتبر الوصول إليه فوزًا كما نسمعه في تطالب الديمقراطيين للوصول إلى الحكم, فتذكَّر أخي القارئ ما قاله أبو بكر -رضي الله عنه- حينما ولي الخلافة:"لقد وُلِّيت عليكم ولست بخيركم, فإن أحسنت فأعينوني, وإن أعوججت فقومني"، وكان عمر دائم التأوُّه من حمل ثقل الخلافة, وكان أسلافنا من أعلام الإسلام يفِرُّ أحدهم من أخذ الحكم, كما يفِرُّ أحدنا من الأسد أو أشد, لا جهلًا به ولا خوفًا من مشقته, إنما هو الخوف من الله -عز وجل- أن يقع فيما لا يوافق الحق, فإذا تَمَّ انتخاب الخليفة أسدوا إليه النصحية وآزروه, راضين مطمئنين بحكمه, لا يجوزون عصيانه ولا الخروج عليه, ولا تشكيل حزب معارض له ما دام يشهد الشهادتين ويطبق أحكام الإسلام, حتى وإن كانت له معاصي وكبائر, فهو محل طاعتهم, وأمره إلى الله مع محاولتهم بيان الحقّ وإسداء النصحية له.
حتى إذا جاءت الديمقراطية فإذا بأقطابها يتهارشون عليها ويخادعون الناس وينافقون, ويعدون بما لا يفعلون -وإذا بالناس غير الناس والقلوب غير القلوب- وكأنَّ حال الإسلام والمسلمين يقول:
ذهب الذين إذا رآوني مقبلًا ... هشوا إليَّ ورحبوا المقبل
وبقيت في خلف كأن حديثهم ... ولغ الكلام تهارشت في المنزل
إن الحاكم في الإسلام مؤتَمَن مصالح المسلمين, وليس له أكثر من كونه منفذًا لا مشرعًا؛ لأن التشريع إنما هو لله -عز وجل, وبذا يضمن الحاكم