بل إن القومية إضافة إلى أنها رجوع إلى الجاهلية هي كذلك قدح في كمال الإسلام وردٌّ لما تفضَّل الله تعالى به على هذه الأمة من إكمال الدين ورضاه به, وإخراجهم بالإسلام من الظلمات إلى النور, وإخراج العرب بخصوصهم من حياتهم الجاهلية وخمول ذكرهم بين الأمم, بالرغم من كل ذلك وغيره نجد الكثير من الكُتَّاب السفهاء والكاتبات السفيهات يقلدون أعداء الإسلام من اليهود والنصارى في ذمِّ الإسلام, والإلحاح في طلب العودة إلى الجاهلية التي كانت قبل الإسلام, والعودة إلى حضارتها العظيمة, وقوانينها التي هي في غاية العدالة, وإلى تاريخها المجيد.. إلى آخر الأكاذيب التي تخيَّلوها وسجَّلوها في شكل كتب ونشرات وتمثيليات ومسرحيات, وكلها توحي بصراحة إلى أنَّ العرب وكل الأمم كانوا قبل الإسلام على خير عظيم, وأنهم كانوا على جانب عظيم من الحضارة والقوة والمنعة, ويمجّدون ذلك مما يوحي إلى أنّ الإسلام هو الذي عطَّل مواصلة تلك الحضارات, وأن في الرجوع عنه التقدم والرقي والألفة, ضاربين بكل ما عرفه الناس من كتاب الله تعالى ومن سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم, ومما عرفه العقل والمشافهة عن من سبق من أخبار العرب بخصوصهم قبل الإسلام, ضاربين بذلك كله عرض الحائط, فمتى يدرك المنخدعون والمخادعون أن الخير كله في هذا الدين الذي أخبر عنه رب العالمين وشهد له بالخير والحق والكمال.