للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نظام وعقيدة ومعاملات تختلف تمامًا عن النظام الجاهلي الماركسي وغيره في العقيدة وفي السلوك وفي كل شيء, وأن ما وجد من التشابه بين الإسلام والإلحاد ما هو إلّا مثل التشابه في الأسماء بين المخلوقات حين يقال: رأس الإنسان ورأس الجمل, أو الكلب أو الجبل، أو التشابه بين الأسماء الموجودة في الجنة مما أخبر الله به وبين الأسماء الموجودة في الدنيا، ثم كيف يتَّفق دين يؤمن بإله واحد يستحق العبودية وحده لا شريك له, ويوجب التحاكم إلى شرعه وحده، ويجعل الناس في درجة واحدة أمام الخالق العظيم لا يتفاضلون عنده إلّا بالتقوى, كيف يتفق هذا مع دين لا يؤمن بإله واحد بل بآلهة عدة يعبد الناس فيه بعضهم بعضًا, ويشرع بعضهم للبعض الآخر، دين يجعل الظلم عدلًا والحاكم ربًّا.

أليس التوافق مستحيلًا بعد وجود هذا التباين وغيره؟ بلى إنه من أشد وأعظم المستحيلات على الإطلاق, بل لا ينبغي التفكير في هذا؛ لأنه من وساوس الشيطان, فإنه لا يتفق دين يجعل الإنسان مادة مثله مثل سائر الجمادات لا قيمة له, ودين يجعل الإنسان مستخلفًا في الأرض, وكل ما فيها مسخر له, وهو أكرم كل الموجودات على ظهر الأرض, مميز بالعقل والتفكير وعناية الله به {فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} ١.


١ سورة النساء، الآية: ٧٨.

<<  <   >  >>