للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن الجسم المادّي, نعم إن الله أوجد الإنسان من مادة هذا الكون, ولكن حصل له تشريف عظيم أخرجه تمامًا عن صفته المادية, وهذا التشريف هو نفخ الله فيه الروح, فصار عظيمًا مشرفًا بهذا, ولم يبق على مادته الترابية, هنا يظهر تناقض الملاحدة؛ إذ يزعمون أن الإنسان أفضل المخلوقات, بينما يثبتون أنه من المادة, فكيف ساغ لهم أن يفاضلوا بين مادة ومادة دون مبرر؟ وكيف ساغ لهم أن يقولوا إن الإنسان سيد هذا الكون ما دام الإنسان مخلوقًا منه بفعل المادة, لقد تضاربت أفكار الملاحدة دون أن أيّ اكتراث منهم بذلك.

ويظهر أن القصد الأخير لهم هو الدفع بالجوييم إلى القناعة بحقارة أصلهم, وبالتالي فلا يحق لأحد منهم أن يفخر بأنه إنسان مكرّم, بينما اليهود لا يدخلون في تسمية "إنسان"؛ لأنَّ عنصرهم من عنصر الله, وأنهم شعبه المختار, ألخ أوصاف التلمود لهم, ولقد أراد الملاحدة طمس إنسانية الإنسان وإلحاقه بالجمادات أو الحيوانات الدنيا, إلّا أنهم واجهتهم حقائق تكذبهم علنًا, وتعلن بوضوح أن الإنسان كائن أسمى مما تصوروه, لا فرق بين إنسان وإنسان في المزايا الآتية:

١- الإنسان مفكّر, بينما لا توجد هذه الصفة في أي مخلوق آخر من الحيوانات.

٢- الإنسان يتكلّم ويفصح عمَّا في ضميره بكل فصاحة, وهذه الصفة لا توجد إلّا في الإنسان.

<<  <   >  >>