١٠- للإنسان خيال واسع وإدراك قوي يخطط للحاضر وللمستقبل, وهذا الخيال الخصب لديه ميزة خاصة به, يختار أمورًا ويترك أخرى, وينظِّم مساراته للمستقبل وفق ما يريده, وكأنه على معرفة مسبَّقة به١.
إن كل هذه الصفات وغيرها مما تحلَّى بها الإنسان لهي صفعة في وجوه الملاحدة الذين سلبوه صفاته التي ميَّزه الله بها, وشرفه بالتكليف والعمل لدنياه ولآخرته, وجعله مستخلفًا في الأرض لإحيائها, فهل يصح أن يقال بعد ذلك: إن الإنسان مادة مجرَّدة عن أي اعتبار, أو إنه حيوان تطوَّر بفعل مرور الزمن, أو غير ذلك من نظرياتهم الفاسدة, وأنى لمادَّة صماء أن تخلق إنسانًا تتوفر فيه تلك الصفات العالية, والفضائل الرفيعة, والتركيب العجيب، وأنَّى لفاقد الشيء أن يعطيه, فهل يفيق الملاحدة؟ وهل يتركون استهتارهم بهذا الكائن العظيم؟ ويحترمون روحه وفكره وأصله الذي شرَّفه الله بخلقه بيده تشريفًا وتكريمًا له وأسجج له ملائكته المسبّحة بقدسه؟