تصوره، عند هذا الحد لم تستطع المادة أن تحافظ على تماسكها, فحصل الانفجار الكوني الهائل, وتشتت المادة في الفضاء الفسيح, وانخفضت حرارتها بسرعة, وبدأت المجرات بالتكوُّن, ثم نشأت الشموس والأقمار والنجوم والكواكب مع مرور الزمن, ونشأ هذا النظام الفلكي المتناسق, واستمرت عملية النشوء الذاتي حتى انتهى الأمر إلى ظهور الحياة والإنسان بطريقة ذاتية، كل هذا تَمَّ بسبب ذلك الانفجار"١.
ولا شكَّ أن القارئ يدرك مدى تكلُّف هذا المفهوم وسخافته، فمن أين لهم هذه المعلومات المفصَّلة {أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ} .
ثم يقال لهم: كيف وجدت هذه المادة؟ ومن الذي أوجدها؟ ثم كيف نشأ هذا النظام البديع المتناسق الجميل عن طريق ذلك الانفجار, مع أنه لا يمكن أن يقال بتجمع أجزاء المادة في حال وجود الضغط الشديد إلى أن يكتمل منها وجود هذا الكون، فكيف لم تنفجر من أول تجمع الضغط؟!! ومن الذي منعه من الانفجار وأبقاه مشحونًا بقوته إلى أن انفجر فجأة, وبهذا التنظيم البديع؟!!
إن سلَّمنا جدلًا ما زعموه من تلك الخرافة, وكذلك تجمُّع المادة من طبيعة واحدة متجانسة, ثم تتميز بعض أجزائها عن البعض الآخر تمايزًا يصل إلى حد التناقض. هذا بعيد, فلو وضعت ماءً في إناء مثلًا, فإنه لا يمكن أن ينقسم هذا الماء إلى قسمين, قسم منه حار شديد الحرارة, وقسم منه بارد شديد البرودة ثلج".