للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأحكامًا جامعة, وأمر الناس بفهمها واستخراج كل ما يصادفهم من أحكام وتشريع على ضوئها؛ من كتاب الله تعالى أو من سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم، فالمشرِّع في الإسلام هو الله وحده، وما نطق به رسوله, والمنفِّذ للأحكام الشرعية هم الحكام الذين تختارهم الأمة, ويرضون بحكمهم لتنفيذ الشرع الشريف، هؤلاء الحكام ليسوا طبقة فوق البشر، أو لهم صفات إلهية -كما كان يتصور الجاهلون قديمًا, وإنما هم منفذِّون فقط، وأن كل مسلم مطالب بأن يعرف الأحكام الشرعية وأمور العبادات والاقتصاد, وغير ذلك من أمور الحياة، وبمعنى آخر يطلب الإسلام من كل أتباعه أن يكونوا صالحين لتنفيذ أحكامًا لله في كل قضية تعرض للشخص، ومعنى هذا: أنه لا يوجد في الإسلام تلك الدعوى النصرانية التي بَنَى عليها اللادينيون فكرهم، وهي: "اعط ما لله لله, وما لقيصر لقيصر", فهذه الازدواجية لا مكان لها في الإسلام، وإنما الذي فيه هو تساوي الناس في التكليف أمام الله, ومطالبتهم جميعًا بتنفيذ أحكام الشريعة, وطاعة ولاة أمورهم في غير معصية الله, ورَدِّ ما يختلفون فيه إلى كتاب الله وإلى سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم، وبهذا تصلح الحياة وتستقيم الأمور, ويحصل التنافس في فعل الخير، قال تعالى في شأن الذين يفضِّلون الأحكام الوضعية على الأحكام الإلهية: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} ١.

وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} ٢.


١ سورة المائدة: الآية: ٥٠.
٢ سورة النساء: الآية: ٥٨.

<<  <   >  >>