للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بخلق الطبيعة للوجود لا يخرج عن تفسير الماء بالماء, فالأرض خلقت الأرض, والسماء خلقت السماء, والأصناف صنعت نفسها, والأشياء أوجدت ذواتها؛ فهي الحادث والمحدث, وهي المخلوق والخالق في الوقت ذاته، وبطلان هذا القول بيّن, وهو لا يخرج عن أمرين:

١- إمَّا الادعاء بأنّ الشيء وُجِدَ بذاته من غير سبب, وهذا قول فاسد.

٢- وإمَّا ازدواج الخالق والمخلوق في كائن واحد, فالسبب عين المسبب، وهو مستحيل, وهو تهافت وتناقض لا يحتاج لشرح.

لو كانت الطبيعة هي الخالق كما يقولون؛ لكانت قوانينها واحدة, المريض لا بُدَّ أن يموت, والصحيح لا يمرض, والنبات الذي يسقى بماء واحد لا يختلف طعم ثمره؛ لكننا نرى العكس, أحيانًا نرى المريض يشفى, والصحيح يموت بدون مرض أو علة, ونرى الزرع والنبات في ساحة واحدة يمتص غذاء في الأرض من تراب واحد, ويسقى بماء واحد, ولكن الثمر قد يختلف في المذاق والألوان والروائح والمنافع والمضار، فهل هذا كله من صنع الطبيعة الصمّاء أو المادة العمياء؟ وهل هذا هو العلم الذي يقولون به؟

إن هذا هو الجهل بعينه وليس بالعلم, ثم تأمَّل قول الله تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} ١.


١ سورة الرعد، الآية: ٤.

<<  <   >  >>