عليهم ليكون أميرًا لهم, إذا لم يكن ملتزمًا لمنهج الله في حكمه، مراقبًا لربه، مخلصًا في أداء عمله بالعدل الإلهيّ.
إنه لا يوجد في الشريعة الإسلامية نصٌّ واحد يثبت التفرقة بين الدين والحكم، لا في القرآن الكريم، ولا في السنة النبوية، ولا في أقوال علماء الإسلام، بل نجد أنه لا شرعية لحاكم لا يتخذ الدين منهجًا له.
ولا يوجد كذلك نصٌّ واحد يثبت أن أحدًا من خلفاء المسلمين من الصحابة أصدر حكمًا على طريقة الفصل بين الدين والحكم، أو اعتذر عن أيِّ حكم أصدره بأن سياسة الحكم اقتضته، حتى وإن كان مخالفًا للدين، بل كانت طريقتهم أنَّ كل حكم يخالف الدين يعتبر حكمًا جاهليًّا باطلًا، وذلك للتلازم التامِّ بين الدين والحكم، واستمرَّ الأمر على ذلك حتى نبغت فتنة دعاة العلمانية الغربية, وإذا بضعفاء الإيمان والمخدوعين من المسلمين يتأثرون بتلك الدعايات, ويطالبون مجتمعاتهم بالسَّيْرِ في أثر أولئك, في الوقت الذي جهلوا فيه -أو تجاهلوا- أن للغرب أسبابه الظاهرة في مناداتهم بالعلمانية, وإقصاء الدين الذي مثَّله طغاة الكنيسة ردحًا من الزمن، وكان على الشعوب الغربية كالكابوس الثقيل، وتغافل هؤلاء عن أنَّ الإسلام ليس فيه شيء من ذلك، بل فيه العدل والنور، وإنه صلح عليه حال من قبلنا، وسيصلح به حالنا لو حكَّمْنَاه واكتفينا به عن الأنظمة الجاهلية البشرية التي هي محلّ النقص دائمًا.