تقتضي بذلك التعاليم الشيوعية, فلا شكَّ أن مصيره الفشل وهو ما حصل بالفعل حينما أقدم الثوار الشيوعيون الأوائل على تطبيقه, فرأوا بأعينهم هبوط أحوالهم الاقتصادية, وكساد حركاتهم المعيشية, مما جعلهم يضطرون صاغرين إلى الاعتراف بالملكية الفردية ولو في أضيق نطاق, لكن له ودلالته على وجود نزعة الإنسان في حب التملُّك الفردي, وأن القول بعدم وجود تلك النزعة إنما هو مكابرة وضيق فكري.
فكان من أهم أسباب تراجع أقطاب الشيوعية عن تأميم الملكيات كلها, هو ما لاحظوه من تردي الإنتاج الزراعي, ومعرفتهم أن سبب ذلك إنما يعود إلى ضعف الحوافز على العمل, وعدم تمكُّن الحكام من دقة معرفة المقصِّر من غيره في المجال الزراعي الذي تصعب مراقبته إلى حدٍّ كبير, بخلاف المجال الصناعي الذي تَمَّ إخضاعه بدقة للملاحظة والمراقبة الصارمة؛ بحيث يعهد لكل شخص بمهمة خاصة في العمل, فإذا حصل خلل في أي قطعة من الصناعة عرف صاحبها فورًا ونال عقابه الذي لا يعرف الرحمة, بخلاف العامل الزراعي الذي أفلت من هذه المراقبة الصارمة, فكانت النتيجة أن أخذت الدول الشيوعية تتكفَّف الدول الغربية القمح والحبوب, وزعموا أن ذلك النقص في الجانب الزراعي إنما كان بسبب الآفات الزراعية، ولكن الحلَّ الذي عالجوا به تلك الآفات يفصح عن السبب الحقيقي؛ حيث سمحوا بعد فوات الأوان بإتاحة الملكية الفردية لقسم من المحصول الرزاعي يمتلكه المزارع تشجيعًا لزيادة الإنتاج ولنشاط المزراعين, وهو دليل واضح على فشل نظام منع الملكية الفردية, وأنه أشد الآفات.